قصتنا المنسية ،، الجزء الثاني

هذا جزئي الثاني بين أيديكم فيه زفراتي و آهتي و آلمي عن وطني الثاني
و لمن تابع الجزء الأول أقول له:

دخل الشقة رأي ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر
بالتأكيد هو لم يرى الجنة .
فُجع ... صُدم ... ارتعب ... قل ما شئت على هذا المنوال
فولداه في المطبخ مرتمين على الأرض و بجوارهما كوب ماء أصبح فارغا ..
لم يستطع الطفلان مقاومة الماء البارد في شدة العطش
نظر يمنا .. شمالا خلفا .. أماما ...لم يرى طفله الثالث
شعر ببعض السعادة في منتصف الألم ، نعم إنه سمع كلامي فهو حي ...

***********

انطلق إلى غرفته أيقظ المصباح من غفوته نظر إلى ذلك الطفل في فراشه و تعلو شفتيه ابتسامه كأني بها ابتسامة شهيد ...
جلس الأب أمام أبنه ... أيقضه فلم يستيقظ
نهره فلم ينتهر ...
ضربه فلم يبكي ...
فلقد كان جثة هامدة
نعم لقد سمع كلام والده و ذلك ما جعله يموت عطشا في شقة ... في عمارة ... في دولة .... نهرها لا ينضب ...
انطلق كالطلقة من فوهة مدفع أو كالطلقة من فم غاضب على زوجته ..
تلعثم بكلمات لم نفهمها إلا إنها لحظات الوداع على ما نعتقد
قفز من الشباك أو قُذف منه ،، الله اعلم إلا أن النتيجة واحدة ...
ارتطم بالأرض فسال منه البترول بدل الدم
هذا الخبر افزع ساكني العمارة
فتدارك البعض ما فات و أصبح على صلة وثيقة بالمغتصب لأنهم اعتقدوا بأن ما حل بالساذج كان من ويلات الغضب من قديس أصبح مُغتصبا ...
وما زاد الطين بله أنه أتي بأحد أقاربه من بلاد العم سام ليسكن في شقة الساذج
ويكون أباً لأولاد الساذج و أبنناً باراً لأبيه و زوجا مخلصا لزوجته ...
نعم فلقد تم كل ذلك في فرح هو أشبه بمأتم الشتاء في مدينة البيضاء الماطرة ..

***********

و في حوار كان نتاج خوف ،، و رعب ،، و انكسار ،، و ضُعف حال
توصلوا إلى النتائج التالية:
سنشتري الشقة بأي ثمن ...
قتلوا أبي لا يهم فالناس كلهم لي أب
شردوا إخوتي لننسى فالنسيان نعمة المؤمن
اغتصبوا ............ لا يهم لا يهم لا يهم
المهم أن نشتري الشقة و تعود لنا كرامتنا و بأي ثمن ..

***********

و بينما جميع سكان العمارة في الاجتماع كان الطفل حنظلة البالغ من العمر ثلاث سنوات جالسا في الغرفة المجاورة يسمع نقاشا لا يفهمه ....
التقط حنظلة قلمه و ألوانه رسم ببساطة الطفولة رسما
رسم شيبة أبي بكر...
ودره عمر .....
و مصحف عثمان ....
وسيف علي ......
رسمها على الورقة و حملها يجرها جرا .. حاول أن يريها لوالديه أو لأحد الجيران اللذين كانوا منهمكين في إيجاد حل لمشكلتهم .. و بعد ذلك قاموا لصلاة الفجر جماعة لأول مرة منذ دهر..
الكل لم و لن يعيره أي اهتمام
خرج مطرقا رأسه لأنه الجميع لم ينتبه له ....
و بينما هو على حالته هذه فكر في طرق باب المغتصب لأنه الوحيد الذي لم يكن ضمن قائمة الاجتماع ...
طرق الباب بقوة كأنها مدفع ،،، هذا ما سمعه المغتصب ففتح الباب
قدم له حنظلة ما رسمه نظر المغتصب إليها
ففُزع ..
و رُعب ..
و أنهلع ..
و تقدم خطوة و أخريات تأخر
و في شقته أصبح منفعل

***********

و في النهاية حمل أولاده على ظهره و ترك الشقة بلا رجوع و لا أمل
دخل إليها حنظلة فكان أول قدم تدخلها منذ عديد سنين ....
نظر أمام المطبخ فوجد سجادة قد وضعها المغتصب كنوع من الاهانة للمسلمين
أخذ السجادة طرحها وقف عليها يصلي ...
لم يستقبل القبلة
لم يكن طاهر بمفهوم الوضوء ...
لكن صلاة قد قبلت على الأقل أكثر قبولا من مستقبل قبلة و متوضئ بماء ممزوج بالمسك ...
و في هذه اللحظة توصل الجيران لشراء الشقة بملايين الدنانير و بكل الوسائل من استجداء و تقبيل للأيدي و الأقدام ...
خرجوا و قد اتفقوا ولأول مرة على شيء .
رأوه قد نزل السلالم و هو مرتعب فبادروه بكل أدب ..
شيخنا لو سمحت لنا نحدثك حديثا هو لك خير و فضل ..
لقد كان ينظر إليهم و لكنه لا يسمعه فذهنه شاردا و قلبه خافق بالرعب
سنشتريها منك بملايين الدنانير ..
هنا انتبه و قال لهم مسرعا دون تفكير نعم هي لكم و ألف نعم

***********

استغرب الجيران من هذه الصفقة التي تمت بغير مراوغة كعادته ...
دفعوا له المال فأخذه و غرب كغروب شمس يوم أسود
شعروا بالفوز ،، بالكرامة ،، بالعزة ،، بالنصر
شعورا لم يراودهم منذ قرون مضت ..
و في سباق على الدرج انطلقوا لدخول الشقة ...
دخلوها ..قبلوا أرضها .. بكوا على ترابها .. احتضنوا جدرانها
و بعد ذلك وجدوا حنظلة جالسا بكل فخر
نهروه
أوقفوه
زجروه
لماذا يا حنظلة قد بللت السجادة ؟؟ إنه صغير أخرجوه من الشقة فقد يكسر فيها شيئا نريدها جديدة كما هي

***********

لم يعلموا بان حنظلة هو من أستردها
أو اغتصبها من المغتصب فكان كعكس العكس (الصحيح)
حاولوا إخراجه فبكى و بكى و أشار إلى رسمه يريده معه ...
نظر احدهم إلى الجدار فانبهر و رأي آية قرآنية تزينه مكتوب عليها

{ قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } (المائدة:23).

فالتفت الجميع إلى حنظلة و إلى رسمه البسيط ففهموا المسألة

النهـــــــاية ،،، في قصة لا نهاية لها .

هذا ما أتمناه و ما ارجوه .. فمن سيكون حنظلة ليكمل الجزء الثالث والأخير .

أرشح أبني حمد أو عبد الله ...فرشحوا من شئتم من أولادكم أو أحفادكم .

» احلي معاني الكلام (الجزء الثاني)
» سجل حضور الاسبوع الثاني ،،
» الطريق الي رمضان الجزء( 2)