قصر البيضاء اثر بعد عين

(( أثـــــــــــــ بعـد عين ـــــــــــــــــر ))

من منا لا يعرف ذلك الصرح العتيق الواقف فى قلب المدينة بصمت وتواضع

مشيـراً إلى الاتجاهات فيرشد التائهين ويـأوى العابرين حتى حين .

إنه فندق قصر البيضاء ، وإن صح التعبير فهو الأن ( فندق قصف

البيضاء ) أعاذنا الله من القصف وتبعاته .

حينما بداء الإعـداد لصيانته غمـرنا السرور وفاضت القلوب غبطه وشـوقاً ،

وراح الجميع يحلـم بهذه التحفه التى ستـزين وجـه المدينة ، ورسمنا لهـا فى

مخيلاتنا اشكـالاً وألـواناً وتصاميم من وحى الصورالمعلقة على واجهته

والداله على حال الفندق بعد إنتهاء ( الشركة الاسبانية ) من تنفيد الصيانة .

وانتظرنا وطال الانتظار .. وبعـد طول الانتظار فـوجئ الجميع بتلك المعاول

والمطارق وهى تنهال على بدن هذا الشيخ وتدك عظامه بطرق بدائية دون

إعتبار لقدم أساساته وما قد يكون حل بها من وهن جراء طول الامد وقسوة

الطقس .

أما الأسبان فلم يعودوا أسباناً ، والشركة ما عادت شركة فأصبحت بقدرة

قادر عبارة عن عماله وافدة تم استجلابها من سوق العمل ليس لها أى علاقة

بشركة عالمية لا شكلاً ولا مظموناً ...

فيستمـر القصف مفنداً كل التوقعات والافكار المقترحه للّون المفترض

للجدران وشكل الحديقة الخلفية وحمام السباحة المزعوم ومكان موقف

السيارات المنتظر .. ويتحول الحلم المشترك إلى كابوس مزعج رابض فى

قلب المدينة يأبــى إلاّ المكوث فى شكل صورة تذكــارية للحـرب الاهلية

اللبنانية أو لمحـه من حصار ستالين غراد واللتان لم تستغرقان من الزمن

نصف ما استغرقته أعمال صيانة هذا المبنى المنكوب .

لكننا مازلنا نُصِرُ مرة اخرى على إحياء الامل وصياغة حلم جديد .. ولعله

ولد بدون ملامح هذه المرة .. فتزداد التساؤلات وتكبر علامات الاستفهام
ساعة بعد ساعة ..

ماذا يفعل هؤلاء ..؟ وأين الشرفات والنوافذ ..؟ ولماذا لم يتم هدمه من

الاساس إختصاراً للجهد والوقت ؟ وما سبب هذا التباطــؤ المبالغ فيه ؟...

لماذا ومتى وأين ... أسئلة بملئ الانفاس وعدد الانظار المحدقه فى رفاة هذا

العجـوز .. ولاجواب يسد الرمق .. وتكبر الزفرات وتختنق الحناجر بالعبرات

حينما يتوقف العمل وترحل المعاول ، فلا يبقى سوى صدى المطارق

وصفير الرياح بين

الاعمدة المنهكه وأسياخ الحديد البازغة من جوف الاساسات .. فتوقف

العابرون ايضاً عن إلقــاء التحية وتجنب المارة النظـر لأعلى ، ولم يعـد يهتم

الجميع إلاّ بإعـداد النكات الطـازجة والصور الساخرة لمبنى كان مَعلماً

فأصبح أثر بعد عين .

» هى البيضاء
» الي ولد البيضاء
» مستشفى البيضاء