السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُمِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ
يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ
أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِوَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ
الْمُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 169-171 .
وقال تعالى : ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ ) البقرة/154 .
قال الشيخ ابن عثيمين :" والمراد : أحياء عند ربهم ، كما في آية آل عمران
؛ وهي حياة برزخية لا نعلمكيفيتها ؛
ولا تحتاج إلى أكل ،وشرب ، وهواء يقوم به الجسد ؛ ولهذا قال تعالى : ( ولكن
لا تشعرون )
أي : لاتشعرون بحياتهم ؛ لأنها حياةبرزخية غيبية ؛ ولولا أن الله عزّ وجلّ أخبرنا بها ما
كنا نعلم بها ...
ومن فوائد الآية : إثبات حياة الشهداء ؛ لكنها حياة
برزخية لا تماثل حياة الدنيا ؛
بل هي أجلّ ، وأعظم ، ولا تعلمكيفيتها " انتهى .
ففي صحيح مسلم
( 1887) عن مسروق قال : سألْنا عبدَ الله بن مسعود عن هذه الآية
( وَلا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِيسَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) قال
: أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال : ( أرواحهم في جوف
طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش
تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل
) . . . .
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم
– وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب "
( 1379 ) - من حديث سعيدبن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :
( لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهمفي أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة ,
وتأكل من ثمارها , وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ,
فلما وجدوا مأكلهم ومشربهم ومقلبهم
قالوا : من يبلغ عنا إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق ,
لئلا ينكلوا عنالحرب , ولا يزهدوا في الجهاد , قال
: فقال الله تعالى : أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى
: ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء
عند ربهم يرزقون ) ) .
وخرَّج الترمذي والحاكم - وصححه
الألباني في " صحيح الترغيب " ( 13762 ) -
من حديث ابن عباس عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيت جعفر بن أبي طالب
ملكاً يطير في
الجنة مع الملائكة بجناحين ) " انتهى .
مرتبة الشهداء مرتبة عظيمة تلي مرتبة النبيين
والصدِّيقين :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وقد قال تعالى ( فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم
من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) وهذه
الأربعة هي مراتب العباد ، أفضلهم
: الأنبياء ثم الصديقون ثم الشهداء ثم الصالحون " انتهى .
"مجموع الفتاوى" ( 2 / 223
. وقد جعل الله تعالى الجنة درجات ، وللمجاهدين
منها مائة درجة كما جاء في الصحيح
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فالشهداء ليسوا
في منزلة واحدة بل يتفاوتون في منازلهم .
عَنْ
عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْقَتْلى ثَلاثَةٌ : رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ
حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ
, فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُفْتَخِرُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ ,
لا يَفْضُلُهُ
النَّبِيُّونَ إِلا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَىنَفْسِهِ
مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا
جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ مُحِيَتْ ذُنُوبُهُ
وَخَطَايَاهُ ,
إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءُ الْخَطَايَا , وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ
أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ , فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ,
وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ , وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ ، وَرَجُلٌ
مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ
حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي النَّارِ السَّيْفُ لا
يَمْحُو النِّفَاقَ ) .
رواه أحمد ( 17204 )
وجوَّد إسنادَه المنذري في " الترغيب والترهيب " ( 2 / 208)
وحسنه
الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1370 ) .ج. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
حُبْشِيٍّ الْخَثْعَمِيِّ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سُئِلَ : أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : ( مَنْ جَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ
بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ )
قِيلَ : فَأَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ ؟ قَالَ : مَنْ
أُهَرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ . رواه أبو داود ( 1449 )
والنسائي ( 2526 )
. وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1318 ) .
د. عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : (سيد الشهداء حمزة بن
عبد المطلب , ورجل قام إلى أمام جائر فأمره
ونهاه , فقتله ) رواه الحاكم وصححه الألباني في
"السلسة الصحيحة" (374)
شفاعة الشهداء الكرام :
عن أَبي
الدَّرْدَاء قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُO عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
(( يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ))عن المقدام بن
معد يكرب رضي الله عنه
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لِلشَّهِيدِ
عِنْدَ اللَّهِ سبعُ خِصَالٍ ، يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ من
دمهِ ،
وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، ويُحلَّى حُلَّةَ الإِيمانِ وَيُزَوَّجُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ
الْحُورِ
الْعِينِ ،
وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ،
وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ ،
وَيُوضَعُ عَلَى
رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ،
الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُشَفَّعُ فِي
سَبْعِينَ
إنسانًا من أهلِ بَيتِهِ )) قال عليه الصلاة والسلام :
والذي نفس محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سريه تغزو في سبيل
الله أبدا ، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعةويشق عليهم أن يتخلفوا عني , والذي نفس محمد بيده
لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ، ثم أغزو فأقتل ، ثم أغزو فأقتل . رواه البخاري ومسلم.