جامعتنا,,والتصنيف العالمى
لعل نتائج التصنيف العالمي للجامعات تعكس بشكل جلي ما آلت إليه جامعاتنا من تدهور،إذ ظهرت جامعة قاريونس بترتيب 7311 عالميا و 82 أفريقيا!، واحتجبت باستحياء باقي جامعاتنا من هذا التصنيف. هناك الكثيرون ممن يرفضون الاعتراف بهبوط مستوى التعليم الجامعي، ويشككون في مصداقية ونزاهة هذا التصنيف، ويفضلون تخدير أنفسهم بتعليق إخفاقاتنا على مشجب التحامل من طرف مؤسسات إمبريالية وصهيونية ... إلى آخر ما في هذا القاموس من مسميات!، ولكن الواقع يفرض نفسه. جدير بالذكر أن التصنيف إعتمد معايير علميه للتقييم بما فيها المستوى الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس، والمنتج البحثي، ونسبة الأساتذة إلى الطلاب وغيرها، وبنظرة سريعة على رأس القائمة سندرك مصداقية هذا التصنيف.
يجب أن نتعامل مع هذا التصنيف بشكل إيجابي، ونعترف بالسلبيات ثم نحاول إصلاحها بشكل علمي تدريجي، بدل التصريحات التي يبادرنا بها مسئولين في جامعاتنا من حين لآخر بأن "مستوانا بخير وإننا نقترب من المستويات العالمية ..."؛ إذا صح ذلك فلماذا نحن في ذيل القائمة في أحسن الأحوال؟!.
لو منحت جامعاتنا استقلالا حقيقيا إداريا ومالياً، لفتح باب التنافس، ولأبدعت كل جامعة في حل مشاكلها وتطوير برامجها ومناهجها واختيار أعضاء هيئة التدريس بصورة سليمة. أقول هذا لأن الجامعات تسير الآن بصورة نمطية واحدة عبر لوائح فرضت من اللجنة الشعبية العامة، أفقدت الجامعات استقلاليتها وشخصيتها الاعتبارية، ولم تترك لها الاجتهاد في أي شيء، حتى تعيين أعضاء هيئة التدريس يأتي من أمانة التعليم العالي! بدل اختيارهم من قبل الأقسام المختصة؛ ولعل مخاطبة الجامعات من قبل التعليم العالي لتوحيد المناهج العلمية خير مثال على أن النظام التعليمي عندنا يكرس القيم النقيضة للانطلاق وتفتح الملكات الذهنية، ويبقي التعليم في المرحلة الجامعية امتدادا لمرحلتي التعليم الأساسي والمتوسط التي يتم فيها الاعتماد على التلقين وقتل ملكات الإبداع (الطريف أن من أعدوا تصورات لمنهج موحد، استعانوا بمقررات مختلفة التفاصيل تدرس بجامعات مختلفة في نفس البلدان بينما أنكروا حقهم في اختلاف التفاصيل).
جدير بالذكر أن اللوائح العامة لا تراعي خصوصيات الجامعات والكليات، فحين تسمح اللائحة العامة بالنقل بمادة، فإن ذلك يعني النقل بنصف المنهج في بعض المراحل ببعض كليات الطب مثلا؛ ناهيك عن تجاوز واختراق تلك اللوائح بصورة مستمرة بقرارات تنص على "استثنائيا لهذه السنة فقط" ! التي فقدت معناها لكثرة تكرارها وأفقدت اللوائح هيبتها كمصدر يحتكم إليه.
]إنه لمن المحزن حقا أن نصبح نَحِنّ(بكسر الحاء ووضع الشدة على النون) ونتوق للوصول إلى مستوى جامعاتنا في سبعينيات القرن الماضي علميا وإدارياً.