ذهبت لزيارة قريباتي في أحدى مدن جماهيريتنا الحبيبة ،
وكانت زيارتي الأولى لهذه المنطقة لقد شعرت بالغربة !
مع أني كنت بين أهلي وأقاربي ،
لقد أحسست بالقلق ، لم أجد بين عيون المارة نظرات اللهفة والشوق لرؤيتي ،
لم ألمس منهم نظرات التساؤل !
كأنهم لم يشعروا بوجودي وكانت هذه أول ليلة تنقضي لي
وأنا خارج ضواحي مدينتي ،
أشتم أنفاس أناس لا أعرفهم وأستنشق هواء كله غربة وعدم اكتراث ،
لا أحد يسألني .... من أين أنت ؟
أو حتى لم يسألني أحد عن سبب صمتي !
مع أنني طوال ساعات كنت اكتفى بالنظر فقط لدرجة أنني
بدأت أعود نفسي على السكوت مع أن طبيعتي على العكس من ذلك !!
وأخيراً !!.. ومن دون سابق إنذار تفاجأت بإحدى فتيات تلك المدينة
وكانت من نفس عمري تقريبا تسألني بصوت حاد فاجأني فانتفضت من شدة الرعب !
من وين أنتي ؟؟
والحمد لله أنني لا أعانى من أحدى الأمراض .. ا
لضغط أو السكري لكنت الآن في عداد الأموات ،
المهم أيقنت أخيراً ، أن الهدوء الذي أزعجني منذ البداية كان هدوء ما قبل العاصفة
أجبتها وأنا غاضبة من أسلوبها الغير لائق في سؤالي .
فقلت لها: من إجدابيا ...
فضحكت عليّ ، وقالت ساخرة : أيه أيه ..
وأنا أنقول خيره الجو معجج !!
في حد عندنا من بلاد العجاج ففارت الدماء في عروقي ، تمنيت أن أًصفعها على وجهها .
أجبتها بكل عصبية وضيق وقلت لها :
الحمد لله أن الظواهر الطبيعية كلها بيد الله عز وجل
ويا ليتها صمتت عند سماع هذا الرد ،
لكنها زادت من وقاحتها وقالت :
من عمايلكم يا عرب إجدابيا ربي بلاكم بالعجاج......
فقلت في نفسي هذه المسكينة ،
أن موقع إجدابيا الجغرافي من أهم أسباب كثرت عجاجها ...
شعرت بالسكينة بدأت تتسلل في أعماقي
.
فقلت لها وأنا مبتسمة :
إن الله إذا أحب قوما اختبرهم بالبلاء
أنزلت رأسها فقد تأثرت كثيراً من ردي فوجدت فرصتي لأرد على كل ما قالت
إذا كانت مدينتي مدينة العجاج فهذا فخر لي
.
فسألتها متحديه أن تذكر لي خمسة من مبدعي مدينتها ،
وأن أذكر أنا لها خمسون
فأجابت مطأطئه رأسها لا تعرف أسم أي مبدع حتى ولو فنان ...
شعرت بزهوة الانتصار
..
غادرت المكان معتذرة ...
فألتفت حولي كل الموجودات وسألتني أحداهن :
لو ما كنتي من إجدابيا كنتي تحبي تكوني من وين ؟؟
فقلت لها : لو لم أكن من إجدابيا لتمنيت أن أكون متسولة في أحدى حاراتها الصغيرة
فقالت أحداهن في النهاية كلها بلاد الله ...
فقلت لها عندك حق ...
وفى قرارة نفسي كنت أقول لكن كل البلاد ليست كبلدتي ...