من نفحات سوره الـــنمــل

سـوره النمــل مكيــة نـزلـت بعـد سـورة الشعـراء وهـى بعـدهـا ايظـا فى

تـرتيب المصحـف وعــدد آيـاتهـا ( 93 ) آيـة تحـدثت السـورة عـن التفـوق الحضــارى

وأهميـة ان يمتـلك المسـلمون معــالم حضـاريـة قـويـة مـن العــلم والتكنـولوجيــا والقـوة

المـاديـة والعسكـريـة ليستخـدمـوهـا فى نصــرة ديــن الله تعـالى فهــذة السـورة تخـاطب

الـذين يفهمــون الاســلام علـى أنـه صــلاة ركعتيــن وبكــاء العينيــن وقـراءه القــرآن

الكـريم فقـط هــذه الاشيــاء والعبـادات على اهميتهــا لابــد ان تقتــرن بأسـاليب قيــادة

الـدنيـا وادارة الارض وفـق منهـج الله تعـالى فتقـدم المسلميـن يفيـدهم فى الدعـوة الى الله

تعـالى ويـؤثـر فى الأخـرين بشكـل كبيــر هـذه الســورة تحثنــا بأن يكـون لنـا دور مميـز

بيـن الامـم وان نحيـط بكــل علـوم العصـر وهـكذا نـرى ان كـل ســورة تـوجه رسـالة

واضحـة للمسلميـن لتكمــل سـور القـرآن فى عــرضهــا للمنهـج الـربـانى ممــا يشعـرنـا

بتـرابط القـرآن وتمـاسك سـورة فبعــد ان كـانت رسـاله سـورة الشعــراء اهتمــوا

بالاعــلام جـاءت سـورة النمــل لتقــول لنـا اهتمــوا بالحضــارة والعـلم وكـان رمــز

التفــوق الحضــارى فى هــذه السـورة سيــدنا سليمــان عليـه السـلام ومملكتـه التى

جمعـت بيـن الايمــان والنجـاح فى الحيــاة كــانت أشبـه بشـركـه عالميــة متعــددة

الجنسيــات مـن الجــن والانـس والطيــر والنمــل والوحــوش ولـو تـأملنـا فى مملكــة

سيـدنـا سليمــان وفى تفاصيــل القصــه وجـزئياتهـا تعطينــا معنى مهـم وابعـاد جديدة

للتفـوق الحضــارى والنجـاح فى الحيــاة فبـدأت بأستشعــار قيمــه العــلم

(( ولقــد ءاتينــا داوود وسليمــان علمــــا )) فلا تفـوق مـن غيـر علــم ثــم تـوريث

الأجيـــال هـذا العــلم (( وورث سليمــان داوود )) حتـى لايقف النجــاح عنــد جيــل

معيــن ثــم اتقـــان اللغـــات (( وقــال يأيهــا النـاس علمنــا منطـق الطيــر )) وهــذه

الميــزة تتيـح التعـامل مــع الآخـرين والتفاعــل معهــم .. ثــم تــوفر الامكــانيـات

(( وأوتينــا مــن كـل شيىء ان هــذا لهــو الفضـل المبيــن )) فقـد أوتيـت هــذه

المملكــة الامكانيــات والمــوارد الطبيعيــة والبشــريـة والاهــم هــو حسن الادارة

((وحشــرلسليمــان جنــوده )) فالكــل يـؤدى عمــله المطــلوب منـه ضمــن اختصــاصـه

وبحســن التـدريـب (( حتـى اذا اتــوا علـى وادى النمــل )) حيث يأخـذهـم سليمــان

ليـدربهـم وينتقــل بهــم فى الارض ثــم ياتـى دور الانضبــاط والحــزم

(( وتفـقـد الطيــر فقــال مــالى لا أرى الهــدهد أم كــان مـن الغـائبيــن )) تفقـده ممــا

يـدل على دقــه النظــام فى المملكــة وجـاءت اهميـة انتمــاء الافــراد للـرســاله فالهـدهـد

صــار مـن فلسطيـن الى اليمــن ليحضــر معلــومـات عـن مملكــة تسجــد للشمـس مـن دون

الله وقــد درس المـوقف جيــدا وأحضــر معلـومـات دقيقــة (( وجئتـك مـن سبـاء بنبــاء

يقيــن )) وللتحقـق مـن دقـه نقـل الاخبــار (( قـال سننظـر أصـدقت أم كنت مـن

الكــاذبيـن )) وفى النـاحيـتة المقـابلـه نـرى مـؤسسـة متفـوقـة ايضـا مملكــة بلقيـس

وسبب نجـاحهـا هــو استخــدام الشــورى فكانـت تشـارك قـومهـا فى اتخـاذ القــرار

(( قـالت يأيهـا المـلاء أفتـونى فى أمـرى مـا كنت قاطعــة أمــرا حتى تشهــدون ))

ثم تنتقـل السـورة من الحـديث عـن التفـوق الحضـارى الى الحـديث عـن قـدرة الله فى

الكــون حتى لا نكـون ماديين فى تعاطينـا مع اسباب التقـدم وكأن السـورة تقول لنا اياكـم

ان ينسيكـم التفوق الحضــارى بأرتباطكــم بالله تعالى ويقينكــم انه هـو صانـع النصــر

وحتى لا نعيش حضـارة ماديـة بلا روح كحضـارة الغـرب ... ثـم تـأتى آيــات رائعـة

تخـاطب القلـب البشـرى وتهـزة ليفيـق مـن غفلتـه (( أمـن خــلق السمـاوات والأرض

وأنـزل لكـم مـن السمـاء مــاء فأنبتنـا به حــدائق ذات بهجــة )) فالجمـال والتنظيـم فى

خـلق الكـون يفـوقـان كــل حضــارة وبذلك يتحـقق التـوازن بيـن التفـوق الحضـارى وبيـن

الايمـان بمـالك الكــون وصاحـب القــدرة .. ولمــــــاذا سميــت بســورة النمــل مـع ان

النمــل ذكــر فى الســورة فى آيــة واحــدة فقــط ؟؟ لأن مملكـة النمــل هـى نمـوذج

للتفــوق الحضــارى فى امــة مــن أمـم الحشــرات فالنمـل يملك كـل اسباب التطـور مـن

بنـاء بيـوت ومخازن للمـؤن الى تنظيـم الجيوش وفــرق العمــل وتقسيـم ابـواب الدخـول

والخـروج حتى انهــم يستعمـلون التكييف المـركزى داخـل مسـاكنهـم امـه منظمـة تفـوقت

على اقـرانها حتى استحـقت ان تذكـر فى القـرآن الكـريم كنمـوذج يحتـذى فى التفـوق

والنـاس عـادة يستصغــرون النمـل لذلك ضـرب الله لنـا بهــم مثــلا حتى يتـردد الى ذهنـك

ان هـذه الحشـرة الصغيـرة الضعيفـة قـد وصلـت الى هــذا التطـور وقــد تفـوقت على

غيـرهـا من الحشـرات فـلا تتـرك ايهـا المســلم غيـرك مـن الحضارات يتفــوق عليـك

ومـن الاشـارات الحضـاريـة الرائعـه التى نتعلمهــا مـن النمـله عنـدمـا

وقفت تخـاطب جمـوع النمــل بأيجـابيـه ولـم تهـرب رغـم تعـرضهـا للخطــر تحـت اقـدام

الجنـود (( حتى اذا أتــوا على وادى النمـل قالـت نمـلة يأيهـا النمـل أدخـلوا

مساكنكــم )) فقـد كـان حرصهـا وغيـرتهـا على قـومهـا أولــى عنــدهـا مـن حياتهــا بـل

ان خطـابهــا احتـوى على اشـارات رائعـة فى فــن القيــادة والادارة فقـد وجهـت التصـرف

الصحيـح قبـل التحـذير وبيـان الخطـر حتى لا تتخبط الجمــوع ببعضهــا مما يـؤدى الى

المـزيد مـن الاضـرار ثـم عـرضت المشكـله وبينـت الخطـر وحـذرتهـم مـن خطـورة

التـراخى بأن يأمنــوا مـن سليمــان لان النمــل يعـرف انه نبى الله واكـدت وعـذرت ان

المـؤمنين لايمكـن ان يظلمــوا او يعتـدوا عـن قصد ((وهــم لا يشعــرون )) أرأيــت

الآن لمـــاذا تبســم سليمــان ضاحكــا مــن قــولهـا ؟؟ ولمــاذا كانت هـذه النمـلة الصغيــرة

مثــلا يحتـذى به فى فــن القيــادة عنـد الأزمــات والذى هــو عنــوان

التفـوق الحضــارى ؟

من نفحات سوره الـــنمــل 112675.imgcache

شيخنا الفاضل الفاروق

من نفحات سوره الـــنمــل 15nc8

بـــــــــــــــــــــــــــــارك الله فيك

» من نفحات سوره طـــــــــــــــه
» من نفحات سوره ال عمران
» من نفحات سوره النســاء