الشرق الأوسط
بقلم: عبدالفتاح السنوطى
في أول تجربة ديمقراطية تمارس في ليبيا عقب سقوط نظام العقيد المقتول معمر القذافي الذى دام لأكثر من 42 عاما، اختار المجلس الوطني الإنتقالي الممثل الشرعى للشعب الليبي رئيس الحكومة الإنتقالية بالانتخاب أمس الاثنين/31 أكتوبر/ والتى ستكون مدتها 8 أشهر.
ويقع على عاتق الحكومة الانتقالية تحديات كبيرة منها المصالحة الوطنية وجمع السلاح وتشكيل جيش وطني وأجهزة شرطة وتلبية متطلباتورغبات الشعب الليبي خلال تلك الفترة وتشكيل لجنة لوضع مسودة الدستور والوصول بالبلاد إلى انتخابات تشريعية ورئاسية.
ولكن الطريقة التى أدار بها المجلس الوطنى الإنتقالى اليوم عملية انتخاب رئيس الحكومة الإنتقالية ضربت مثالا يحتذى به في تطبيق الديمقراطية بشفافية عالية وفي حضور مندوبي وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، ما يعد مؤشرا جيدا على توجه ليبيا نحو التحول الديمقراطي.
وشكل المجلس لجنة من المهدى كشبور المستشار القانونى للمجلس ومصطفي المانع أمين سر المجلس وعلى سعيد مدير مكتب رئيس المجلس لإدارة عملية الاقتراع على رئيس الحكومة الانتقالية، ولكن حدث خطأ بسيط، كان سيتسبب في إعادة الانتخابات بين شخصين، ولكن سرعان ما تدراك نائب رئيس المجلس الإنتقالى والمتحدث باسم المجلس الخطأ وقامت اللجنة بتصحيحه.
لتتحول نتيجة الانتخابات من الإعادة إلى فوز أحد المرشحين وهو الدكتور عبدالرحيم الكيب بحصوله على 26 صوتا من إجمالى 51 صوتا، وهذا ما أكد على نزاهة وشفافية عملية الاقتراع، وايضا أكد على أن تجربة الديمقراطية في ليبيا الجديدة ما زالت وليد وتحتاج إلى المزيد من التدريب والتأهيل.
حيث كان من الممكن تدارك الخطأ بسهولة لو أن اللجنة المسئولة عن عملية الاقتراع قامت بالمناداة على الحضور قبل بدء عملية الاقتراع أو عد الحضور، وهو ما يعنى اكتشاف أن الحضور 51 وليس 52 عضوا، وأن عضوا كان قد تم استبعاده من عضوية المجلس لعمله بالمصرف المركزي، وأن اسمه ما زال موجودا فى قائمة المجلس وهو الصديق الكبير.
وانتخب أعضاء المجلس رئيس الحكومة الانتقالية، بنظام الاقتراع السرى المباشر، عن طريق أن يأخذ كل عضو ورقة موقعة من أمين سر المجلس ومختومة بختم المجلس ولا يوجد بها أى اسماء للمرشحين، ويتوجه بها إلى جانب بمفرده ويوقوم بكتابة اسم واحد من الخمسة المرشحين والذين لم يكتب اسمائهم فى الورقة، وبعد ذلك طى الورقة ووضعها في صندوق بلاستيك شفاف. وبعد انتهاء عملية الاقتراع، بدأت عملية الفرز مباشرة أمام جميع الحضور من المجلس ومندوبي وسائل الإعلام.
وحصل عبدالرحيم الكيب، استاذ الهندسة، على 26 صوتا من أعضاء المجلس الوطني الإنتقالي في الاقتراع الذى أجراه المجلس لاختيار رئيس الحكومة الإنتقالية في وقت سابق اليوم من إجمالى 51 صوتا وحصل منافسة مصطفي الرجباني على 19 صوتا، وحصل على الترهونى على 3 أصوات، ولم يحصل على زيدان وأدريس ابو فايد على أيه أصوات، فيما 3 أصوات كتبوا (لا صوت، لا شىء للتصويت، ممتنع عن التصويت).
وأكد الكيب أن مشاوراته ستبدأ غدا (الثلاثاء) لتشكيل الحكومة الانتقالية، مشيرا إلى أن هذه المرحلة الانتقالية لها تحدياتها الخاصة وتطلب وسائل وطرق أخرى غير التى اتبعت في المرحلة السابقة.
وقال الكيب، في مؤتمر صحفي مشترك بطرابلس مع نائب رئيس المجلس الوطنى الإنتقالى المتحدث الرسمى باسم المجلس عبدالحفيظ غوقة، إن الحكومة الإنتقالية ستشكل في غضون أسبوعين منذ الغد، وستعمل بطريقة معينة مع المجلس الإنتقالى وفي نفس الوقت تستمع للشعب الليبي والخبراء وبعدها تتخذ القرارات.
وأشار إلى أن الشعب الليبي وعلى مدى أكثر من 42 عاما من الديكتاتورية الرهيبة نتمنى أن يفهم العالم أننا لدينا مصالحنا الوطنية ونتوقع من العالم أن يحترمها، ونتعهد باحترام حقوق الإنسان والتعامل حسب القوانين الدولية.
وأضاف "الثورة الليبية انتهت منذ فترة بسيطة فبني وليد وسرت تحررتا منذ فترة وجيزة، وحتى العاصمة طرابلس تحررت منذ شهرين، وأرجو أعطانا الفرصة والوقت لنفكر في كل الأمور لأننا نسعى لبناء الوطن،وطن يخترم حقوق الإنسان ولا يسمح بأى تعد على حقوق الإنسان ولكننا نحتاج إلى الوقت".
وأوضح الكيب أن "البعض عندما يتحدث عن الثوار كأنه يتحدث عن جسم مريض وهذا خطأ كبير لمن يظن هكذا، وهؤلاء الثوار من نمثلهم وهم أخوة وأخوات لنا نحبهم ونحترمهم ونقدر كل جهودهم والدماء التى دفعوها من أجل تحرير بلادنا وبالتالى سنتعامل مع هذا الملف بكل احترام وتقدير وأخوة".
وتابع "نعلم جيدا أن أخوتنا الثوار يبادلوننا الرأى ويعرفون جيدا أن الاستقرار والأمن والامان أمور مهمة جدا، وأنا متأكد أن حملهم للسلاح ليس الا لفرض الأمن والامان، وما هى الا مسألة وقت فقط ".
من جانبه، قال نائب رئيس المجلس الوطنى الإنتقالى المتحدث الرسمى باسم المجلس عبدالحفيظ غوقة إنه تم ترشيح 10 أشخاص من قبل المجلس الإنتقالى لرئاسة الحكومة الإنتقالية وهم محمود القبيطى وعمر الناقور وعلى الزبير وعلى الترهونى ومصطفي الهونى وعبدالرحيم الكيب ومصطفي الرجبانى وعبدالحفيظ غوقة وعلى زيدان وأدريس أبو فايد.
وأضاف أن كلا من محمود القبيطى وعمر الناقور ومصطفي الهونى وعبدالحفيظ غوقة وعلى الزبير قدموا اعتذارا للمجلس عن عدم موافقتهم على الترشح، فى خاض التجربة كلا من على زيدان وعلى الترهونى ومصطفي الرجبانى وعبدالرحيم الكيب وأدريس ابو فايد.
وأوضح غوقة أن الخمسة المرشحين عرضوا رؤيتهم اليوم أمام أعضاء المجلس، وكان المجلس قد قام أمس (الأحد) بعرض عدد من المرشحين ومن حصل على تزكية 7 أعضاء من المجلس الإنتقالى فيما فوق يكون مؤهلا لخوض غمار التجربة الديمقراطية وعملية الاقتراع التى تمت اليوم وبالتالى ترشح العشرة السابق ذكرهم.
ولفت إلى أنه من يحصل على 50 فى المائة من عدد الأصوات زائد واحد يكون هو رئيس الحكومة الإنتقالية لمدة 8 شهور وإذا لم يحصل ايا من المرشحين الخمسة على النسبة المذكورة، يتم اختيار أعلى أثنين في الأصوات وتجرى عملية الاقتراع عليهما ومن يحصل على أعلى الأصوات يكون رئيس الحكومة الإنتقالية.
وأكد غوقة أن في بداية التصويت كانت اللجنة التى تدير عملية الاقتراع والمكونة من المهدى كشبور المستشار القانونى للمجلس ومصطفي المانع أمين سر المجلس وعلى سعيد مدير مكتب رئيس المجلس، تعتقد أن عدد الأعضاء الحضور 52 عضوا، لأن أسم الصديق الكبير الذى تولى مهام المصرف المركزي كان ما زال موجودا بالقائمة ولم يتم حذفه.
وتابع "وبعد عملية فرز الأصوات اكتشفت أن الأصوات 51 فقط نظرا لعدم وجود الصديق الكبير بالقاعة ولعدم وجوده أصلا في المجلس".
وردا على سؤال لمراسل وكالة أنباء (شينخوا) حول هل ستجرى عملية اقتراع في اختيار الوزراء كما جرت على رئيس الوزراء، أكد غوقة أن المجلس الوطنى الإنتقالى لن يفرض على الكيب تشكيلة الحكومة، وهو منأعضاء المجلس السابقين بعد فوزه، مشيرا إلى أن المعيار في اختيار الوزراء سيكون للوطنية والقدرة والكفاءة.
وقال "عادة رئيس الحكومة يكلف من السلطة العليا في البلاد ولكن قمنا باختيار رئيس الوزراء بطريقة ديمقراطية بين العديد من المرشحين".
وردا على سؤال حول جمع الأسلحة، أكد غوقة أن عملية جمع الأسلحة هى مطلب شعبي ولا خلاف عليها على الأطلاق وكما خضنا غمار الحرب بحماس، سنخوض المرحلة المقبلة بعزيمة أكثر.
وقد تم انتخاب رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا اليوم بعد مرور نحو 8 أيام على إعلان الترحير فى البلاد من نظام القذافي يوم 23 من شهر أكتوبر الجارى، ونص الإعلان الدستورى المؤقت على تشكيل حكومة انتقالية بعد مدة أقصاها شهر من تاريخ إعلان التحرير.